الأحد، 27 مايو 2012

الجمعة تنفرد بنشر حيثيات الحكم على زكريا عزمي في قضية الكسب


أودعت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار بشير عبد الله حيثيات حكمها الصادر بإدانة الدكتور زكريا عزمي الرئيس السابق لديوان رئاسة الجمهورية بارتكاب جريمة الكسب غير المشروع.. حيث قالت المحكمة إنه ثبت في عقيدتها أن واقعات الدعوى استقرت في يقين المحكمة وأطمأن اليها وجدانها حسب ما استخلصته من اوراقها وما تم فيها من تحقيقات و مادار بشأنها من جلسات محاكمة من أن زكريا عزمي قد تقلد مناصب عدة واكتسب صفات نيابية و حزبية واستطاع أن يصبح محل ثقة مفرطة لرؤسائه..
وأشارت المحكمة إلى أن عزمي خلال فترة تدرجه في المناصب إلى أن تقلد منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية بزغ نجمه و ذاع صيته باعتباره صاحب المقولة المشورة والكلمة المسموعة والمسير على مجريات الأمور وقد طوعت تلك الوظائف المدنية والصفات النيابية والحزبية للمتهم, أمر الحصول علي الكسب الحرام دون وازع من ضمير أو رادع من قانون بما يخرج عن مقتضى الأمانة و النزاهة المفترضة في الموظف العام و من في حكمه..


وذكرت المحكمة أن الديكتاتورية والبيرقراطية السياسية التي سادت هذا العصر ساعدت زكريا عزمي, فاستغل المتهم المحيط الفاسد الذي اسهم فيه بنصيب, و جعل من سلطان وظيفته العامة وصفاته النيابية والحزبية وسيلة للحصول علي مكاسب غير مشروعة لنفسه ولزوجته بهيه عبد المنعم حلاوة علي حساب الشعب الذي عانى في السنوات الاخيرة من فقر وترد في مستوى المعيشة وما تبعه من ترد في الاخلاق و غياب الوعي.


وقالت المحكمة إن المتهم بدأ حياته الوظيفية لا يملك من متاع الدنيا إلا دخله من الوظيفة العامة ثم تزوج من بهية عبد المنعم سليمان حلاوة "الخصم المدخل في القضية" وأقام بحي مصر الجديدة والتي لم يكن لها هي الأخرى من مصادر للدخل سوى دخلها من وظيفتها بمؤسسة الاهرام الصحفية والتي التحقت للعمل بها عام 1977 .. غير أن ثروة المتهم ومصادر دخله اخذت تتزايد مع ارتقائه في الوظيفة العامة واكتسابه للصفات السابق بيانها, و ما اكتسبه من مال حرام بعد تقلده لمنصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية.


وأوضحت المحكمة أن زكريا عزمي تملك العقارات في أنحاء مختلفة من البلاد و تعامل فيها بيعا وشراء واتخذ لسكنه و زوجته قصرا مشيدا بمنطقة ارض المشتل في القاهرة الجديدة وأقتنيا أفخر الاثاث وأثمن التحف كما امتلك رصيفا في الساحل الشمالي والاسكندريه و مشتى على البحيرات المرة بالاسماعيلية وسيارات غالية الاثمان إضافة لحسابات إيداع وسحب ببنوك عدة أظهرتها البنوك..


وأكدت المحكمة أن زكريا عزمي حقق من وراء كل ذلك كسبا غير مشروع له و لزوجته بلغ مقدار ما أمكن حصره منه 36 مليون و 376 الفا و 834 جنيها , و كان ذلك نتيجه استخدام المتهم لأعمال وظيفته وصفاته النيابية والحزبية, وأن من صور ذلك الاستغلال حصوله لنفسه على مساحات بمنطقه البحيرات المرة بالاسماعيليه بلغت في إجماليها 12 قيراطا و 8 أسهم وثلاثة أرباع السهم واقام عليها بناء على مساحة 130 مترا وهي منطقة متميزة وليست متاحة للكافة من فئات الشعب اختص بها المؤتمنون عليها بعض كبار المسئولين وكبار رجال الدولة في غياب من الشفافية وبالمخالفة للقانون..


وذكرت المحكمة إنه ضمن الأراضي الممتدة لزكريا عزمي من الاسماعيلية حتي حدود السويس علي شاطئ البحيرات المرة و هي طرح بحر وتعتبر في حكم الاراضي الصحراوية طبقا للقانون رقم 143 لسنه 1981 بشأن الأراضي الصحراوية ومن املاك الدولة الخاصة طبقا للقانون ولا يجوز وضع اليد عليها او تملكها فضلا عن انه لم يكن للمتهم و زوجته وضع يد فعلي على تلك الارض ولكن المتهم تدخل بسلطته لدى محافظ الاسماعيلية الاسبق للحصول عليها..


وأضافت المحكمة أن قيمة تلك الأرض تقدر حسبما ثبت بتقديرات خبراء الكسب غير المشروع وما جناه المتهم منها من كسب غير مشروع بمبلغ مليون جنيه, مشيرة إلى انه تدخل لدى وزير الاسكان الاسبق محمد ابراهيم سليمان مستغلا سلطاته للحصول علي أرض منطقة المشتل بمنطقة الشويفات بالقاهرة الجديدة وهي منطقة متميزة تقع ضمن مناطق عدة لم تكن متاحة لافراد الشعب بغير موافقة الوزير وقد قدر الخبراء قيمتها بمبلغ 10 ملايين جنيه وحصوله علي شقة سكنية بمصر الجديدة مساحتها 450 مترا رغم صدور قرار إزالة لذلك القرار والطابق الذي قبله لاقامتهما بدون ترخيص, وأن المتهم استغل سلطاته وعلاقاته الملتبسة مع مالك العقار ابتاع منه تلك الشقة لنفسه بسعر متدن 425 الف جنيه لا يتناسب مع السعر الحقيقي للشراء و قام ببيعها بتاريخ 3 يونيو 2010 بمبلغ 4 ملايين و 354 الف جنيه محققا بذلك ربحا مقداره 3 ملايين و 929 الف جنيه ربحا..


وقالت المحكمة إن المتهم حصل لنفسه علي الشقة رقم 2 بالطابق ال17 ببرج كاميليا بسان ستيفانو بالأسكندرية مساحتها 290 مترا بسعر بخس لا يتناسب مع قيمتها الفعليه مستغلا في ذلك سلطان وظيفته وعلاقته الملتبسة بالشركه المالكة والتي يرأس مجلس ادارتها هشام طلعت مصطفي ودفع ثمنا لها مليون جنيه في حين أن سعرها مقارنة بالمثل وقت البيع في 2004 جاء بمبلغ 5 ملايين و 425 الف و 736 جنيها فحقق بذلك ربحا غلولا تمثل في فرق السعر ومقداره 4 ملايين و 425 الف و 836 جنيها.


وقالت المحكمة إنه "امعانا من المتهم في التخفي و فرض السرية علي تلك الثروة غير المشروعة التي تحصل عليها باستغلال نفوذه فقام عزمي باخفاء تملك تلك الشقة لدى المتهم الثاني جمال حلاوة بعقد مؤرخ في 12 نوفمبر 1999 مرفق به ايصال سداد بمبلغ مليون جنيه بذات التاريخ برقم 99 ليس لهم أصل بملف الشقة بالشركة البائعة والذي خلا من أية عقود بيع أو بحركة الخزينة عن عام 1999 وثبت من الاطلاع على دفاترها وجود إيصال سداد اخر بذات الرقم بذات المبلغ و لكن بتاريخ 16 يونيو 2004 باسم المتهم الثاني والذي اقتضى علي نفسه أن يكون ستارا لتملك زوج شقيقته المتهم الاول تلك الشقه مع علمه بأنها متحصلة من جريمه كسب غير مشروع..


وأكدت المحكمة انه ثبت من التحقيقات ان المتهم الاول زكريا عزمي قد ظهر علي تلك الشقة بمظهر المالك فاستعان و زوجته بزوجة رئيس مجلس ادارة الشركة المالكة على اجراء بعض التعديلات والتشطيبات بها واستعان ببعض العمال الحرفيين في تلك الاعمال وادخل الهاتف الارضي بأسم زوجته كما ضبط عقد البيع وايصال السداد المؤرخين في 12 نوفمبر 1999 بمسكن المتهم الاول .


وقالت المحكمة إن المتهم قد اجترأ على محارم الدستور مستغلا في ذلك نفوذ سلطان وظيفته وصفته الحزبية والنيابية فاشترى عقاريين مملوكين للدولة (هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومحافظه البحر الاحمر) الذي قدر خبراء الكسب غير المشروع قيمة اولهما ب 2 مليون جنيه و تصرف المتهم في الثاني بمبلغ 39 ألفا و60 جنيه..


وذكرت المحكمة أن زكريا عزمي قد حصل على عطايا من بعض المؤسسات الصحفية منها الاهرام ودار التحرير والذي دأب رؤساء مجالس ادارتها المتعاقبون لحاجة في نفوسهم على ارسال مثل تلك العطايا على رأس كل عام لكبار المسئولين في الدولى ومنهم عزمي الذي كان في ذلك الوقت صاحب النفوذ والمشورة والكلمه المسموعة.


وأوضحت المحكمة ان ما أمكن حصره من تلك العطايا كانت أشياء غالية الأثمان من مجوهرات وساعات وعطور ومشغولات جلدية, فبلغت قيمة ما اكتسبه المتهم من مال حرام من مؤسسة الاهرام مليون و 405 الاف و 350 جنيها خلال الفترة من 2006 الي 2011 و من مؤسسه اخبار اليوم 472 الفا و 815 جنيها.. ليحصل المتهم علي مبلغ مليون و 945 الف جنيه.


وأشارت المحكمة إلى أن تقرير لجنة الادارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة أورد انه بفحص عناصر الذمه المالية والعقارية والمنقولة الخاصة بالمتهم وزوجته طبقا لما انتهى اليه تقرير الخبراء الهندسيين وبعد حصر المبالغ التي حصل عليها تحت كافة المسميات من تاريخ التحاقه بعمله حتي الفحص وفي ضوء المستندات المدخلة في الدعوى واعتراضات المتهم وزوجته وبعد احتساب النفقة المعيشية لهما.. فقد تبين للمحكمة وجود مصروفات غير معلومة المصدر مقدارها 8 ملايين و 781 الفا 737 جنيها بالإضافة إلى مبلغ 4 ملايين و65 الف جنيه قيمه مفروشات الفيلا بالقاهرة الجديدة لا يقابلها جميعا مصدر دخل مشروع للمتهم و زوجته .


وأشارت المحكمه إلى أن الواقعات علي تلك الجرائم استقرت في يقين المحكمة بما شهد به شهود الثبات وما ثبت بتقارير خبراء الكسب غير المشروع والافادات والكشوف المقدمة من المؤسسات الصحفيه وإفادة مصلحة الاحوال المدنيه بوزارة الداخليه..


ونوهت المحكمة الي انه من خلال تحصيلها للدعوى فانها توصي سلطات الدولة المختصة فضلا عن واجباتها في سن القوانين في تشديد العقوبات على الاعتداء على جرائم المال العام و شرف الوظيفى الاهتمام بالجهات الرقابية المنوط بها مراقبة تلك القوانين وذلك باحسان اختيار اعضائها وتدريبهم و تخويلهم السلطات الفعالة لاجراء التحريات عن الجرائم وضبط مرتكبيها أيا كانت صفاتهم ومواقعهم من المسئولية دون أدنى تفرقة بين عظيم و ضعيف..


وقالت المحكمة إن الدول القانونية والمجتمعات المتحضرة تحاسب مسئوليها وأولي الامر منها حسابا عسيرا ليس فقط علي ادائهم السياسي- و لكن تساءلهم عن أموالهم من اين اكتسبوها وفي ماذا انفقوها مهما بلغ حجمها, أما الدول الفاشلة فهي التي إن سرق فيها العظيم تركوه وإذا سرق فيها الضعيف اقاموا عليه الحد..


ونوهت المحكمة الى انها لم تشأ أن تستخدم الحق المخول لها بالتصدي لما أثير بالأوراق من شبهات الاعتداء على المال العام من آخرين من كبار المسئولين بالدولة وغيرهم باعتبار ان هذه الوقائع محل تحقيقات بالنيابة العامة وجهاز الكسب غير المشروع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق