السبت، 2 يونيو 2012


نُشر بجريدة "مصر الجديدة" أمس، مقالُ لأخٍ صديق هو الدكتور "عادل عامر"، بلغ فى فحواه أن لا بديل أمام الشعب سوي أن يتقبل حكم القضاء المصري حتى إذا قضي ببراءة "المخلوع".


وهو ما يعني أن يرضي الشعب عودته إلى منصبه كما كان: الرئيس محمد حسني مبارك، وهو ربما – بالمناسبة – ما قد يكون حلا للمُعضلة السياسية التى تخوض فيها مصر الآن، على خلفية الصراع المحتدم، سواء على مستوي "المشاركين" فى جولة الإعادة الرئاسية القادمة، مابين مؤيد للفريق أحمد شفيق  ومناصر للدكتور محمد مرسي، أو على مستوي المقاطعين والرافضين لانتخاب أيِّ منهما باعتبار أن أولهما: هو المسئول – سياسيا – إن لم يكن جنائيا عن قتل المتظاهرين فى ميدان التحرير، فى موقعة الجمل، إبان ثورة 25 يناير، حيث من المستحيل قطعيا أن صاحب أهم سلطة في البلاد وقتها كان كالأطرش فى الزفة، خاصة وأن الجمال التى هاجمت الثوار و(فتح لها الجيش الميدان)، لم تأتِ هكذا من نفسها، بل بتنسيق واضح للجريمة عبر رموز "المنحل"....... 
وأن ثانيهما: ينتمي إلي التيار الذي انشق عن الميدان وخان الثورة تاركا أبناءها يذبحون فى "محمد محمود" و"مجلس الوزراء"، مفضلا السعي لاقتناص الفريسة البرلمانية التى ما إن وجدها بين يديه حتى التهمها بالكامل، لدرجة أن أصيب بالتخمة السياسية، وما تلاها من الشعور بالدوخة وفقدان السيطرة، والظهور بمظهر المحارب حتى آخر لحظة عن غنائمه الشخصية، بغض النظر عن مصالح البلاد، وحيث انشغل بنزاعه على السلطة مع الحكومة، عن إحداث أي فارق إيجابي يدل أن برلمانا يرعي شئون الناس، موجود على الساحة أصلا.


وعودة إلى ما طالب به مقال الدكتور عادل، من أهمية تقبل حكم المحكمة، أيَّاً كان، وذلك استنادا للأسس التقليدية، مثل: "قداسة القضاء" ... "هيبة القضاه" ... "جلالة النائب العام"... "سيادة القانون"، إلخ.


والسؤال هنا: أين كانت القداسة والهيبة وحضرة النائب العام وسيادة القانون .............أيام النظام البائد ولمدة 30 سنة؟


وبتفصيل أدق:
سؤال رقم 1: ماذا كان رد فعل النائب العام من أطنان البلاغات والاستجوابات البرلمانية المفعمة بالمستندات، التى تم تقديمها إليه وكلها كانت ضد قيادات الحزب "الوطني الديمقراطي"؟
الإجابة: تم حفظ جميع هذه البلاغات فى الأدراج حتى علاها التراب وصدأت أقفالها وألقيت مفاتيحها فى البحر.


سؤال رقم 2: ماذا فعل القضاه من أجل نشر سلطان العدل بين الناس؟
الإجابة: لقد وقفوا عاجزين عجز "عادل إمام" فى "النوم فى العسل" – وذلك مع استثناء قليل تمثل في أعضاء تيار استقلال القضاء – عن الحفاظ على هيبة القضاء المصري، الذي تحول إلى أداة بطش في يد السلطة الحاكمة، يضرب بها من شاء من معارضيه ويعفو عمن شاء من أذنابه وشركائه اللصوص والقتلة وناهبي "مال النبي" – لو استطاعو.


سؤال رقم 3: هل كان للقضاء وهيبته أدني قيمة أمام هيبة وسلطان وقداسة وعظمة وفخامة الرئيس القائد بطل الحرب والسلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، السائر فى ركابه حملة المباخر الإعلامية - الأهرامية والجمهورية والأخبارية و"المهلبية"، يسبحونه سرا وعلانية: قال فصدق . قال فصدق . قال فصدق؟؟؟؟
مستحيل طبعا، فمن ذا الذي كان يجرؤ على توجيه سؤال – وليس اتهام – للسيد الرئيس: من أين لك هذا (انت وابنك ومراتك و............... أهلك)..!؟؟؟؟


سؤال رقم 4: هل تم تطبيق مبدأ سيادة القانون فى مصر؟
الإجابة: إطلاقا، بل انطبق علي هذا البلد، حديث رسول الله – صلي الله عليه وسلم: لا قدَّسَ الله قوماً إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.
فكان المواطن الذي يضع يده فى جيب آخر لكي يسرق عشرة جنيهات يطعم بها أسرته من جوع، يقضي عليه بالسجن، أما من يضع (يــده) فى جيوب شعب بأكمله، لينهب مافيها: فهو يعيش ملكا ورجله فوق رقاب العباد... (واللي مش عاجبه يشتكي).


سؤال رقم 5:  .. إنه وبالرغم من أن ثورة أو قل انتفاضة شعبية قد قامت، فهل تغير شيئ فى النظام، لكي نتحدث الآن عن "قداسة القضاء" .. "هيبة القضاه" .. "جلالة النائب العام".. "سيادة القانون"؟؟؟


إن المؤسسة القضائية تماما كما هي فى جميع أركانها، لم يتغير من رؤسائها ولا مرءوسيها أحد.


والقضاه الذين شاركو مرارا فى تزوير الانتخابات، وإصدار الأحكام ضد أعداء النظام وحماية "شيخ المنصر" وأعوانه، مازالو فى مناصبهم، بل وفيهم من يشارك الآن فى عضوية اللجنة الرئاسية العليا.


والنائب العام، الذي قام بدور "حفاظة" التحقيقات والبلاغات والمستندات، لحماية أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي هو نفس الشخص القائم على ذات المنصب، فماذا نتوقع منه إلا انحناءه بسيطة للتيار ثم العودة بهمة لممارسة مهامه التي بناء علي كفاءته في أدائها، تم تعيينه بقرار رسمي من "رئيسه" ............. محمد حسني مبارك.


وحتي سيادة القانون، التى إن سقطت سقطت الدولة كلها فى بئر الفوضي .. تري هل لها وجود أصلا، فى ظل ازدواجية المعايير الراهنة؟
حيث يحاكم شباب الثورة المعتقلين عبر مجازر "9 مارس" و"8 أبريل" و"ماسبيرو" و"محمد محمود" و"مجلس الوزراء"..... أمام المحاكم العسكرية كأسري الحرب، حتى ولو كانت تهمتهم – جدلا - هي البلطجة، فيما يحاكم قتلة الشعب ومسرطني غذائه وبائعي أمنه القومي للعدو الصهيوني وكلاب داخليته وأمن دولته أمام المحاكم العادية، ويعيش كبيرهم فى قصر منيف، ثم يأتي البعض ليطالب – ببراءة - أن نتقبل براءته، ليعود رئيسا ويخلعنا جميعا من جذورنا؟


أخيرا فإن نصيحتى المتواضعة، التى أهمس بها فى أذن القاض الذي سيحكم غدا فى قضية القرن: إن بديل دولة القانون هي شريعة الغاب ... وليتذكر أن حتي لو كانت أوراق القضية التى سيحكم فيها غير مكتملة أو "ملعوب" فى أدلتها، فإن الفوضي الذي وعدنا بها المخلوع بديلا عنه – قبل خلعه – وتحققت بحذافير وعده، ستكون حال عودته أقسي وأعم وستكون مسئوليتها معلقة برقبته ولا يلومنَّ ساعتها أحدا إلا نفسه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق